تحقيق حول الاهمال الطبي يوصل الصحفية مجدولين حسونة الى الفوز بجائزة عالمية

18/04/2010

محمد خالد / هل يعاني المواطنون من وجود أي تقصير في تقديم الخدمات العلاجية لهم داخل المشافي الفلسطينية؟ هل تُرتكب اي اخطاء طبية لربما تكون قاتلة او مسببة للعجز والشلل والاعاقة مدى الحياة بحق بعض المرضى والمراجعين ؟ هل وصلت صحوة الضمير لدى الاطباء والممرضين لأن يدلوا بشهاداتهم بكل شفافية وصدق في قضايا متعلقة بارتكاب احد زملائهم خطأً طبيا بحق مريض ما ؟ هل يوجد اي حسيب او رقيب على مثل هكذا قضايا، وهل منظومة القضاء الفلسطيني مؤهلة لتقول كلمتها في اخطاء طبية ارتكبتها اصابع من عُرفوا بملائكة الرحمة ؟ هل يوجد لدى المواطنين الوعي الكافي في هذه المسائل والجرأة الكافية للتقدم بشكوى ضد الطبيب المخطىء والمقدرة المطلوبة على اثبات حقهم في ردهات المحاكم...؟

اسئلة وتساؤلات عديدة طرحتها سطور تحقيق متكامل لصحفية "مشاغبة" تقف على عتبة مهنة المتاعب إذ لا تزال طالبة على مقاعد الدراسة في عامها الاخير بقسم الصحافة في جامعة النجاح الوطنية بمدينة نابلس، وعلى الرغم من ذلك انتزعت بتحقيقها الذي تناول مسألة الاهمال الطبي في المشافي الفلسطينية الفوز بجائزة أفضل تحقيق صحافي متقصي لفئة الشباب العرب في المسابقة التي تنظمها مؤسسة تومسون فاونديشن البريطانية

"الطب في فلسطين حقل للتجارب… وجرائم بلا أدلة"، هو عنوان التحقيق الصحفي الذي تناولته الصحفية مجدولين رضا حسونة وتطرقت فيه الى قضية بالغة الخطورة في مجتمعنا الفلسطيني وخلصت فيه الى مجموعة من الاستنتاجات المبنية على متابعات ميدانية ومقابلات مع المعنيين بهذه القضية.

هذا وكنا اجرينا لقاءاً اذاعيا مع الصحفية مجدولين تطرقت خلاله الى فوزها بهذه الجائزة والى العديد من الامور المتصلة بقضية الاهمال الطبي التي تناولتها في تحقيقها الصحفي، الى جانب التقصير الواضح في تعاطي وسائل الاعلام المحلية مع القضايا الحساسة التي تمس حياة المواطنين اليومية.

للاستماع للمقابلة الاذاعية

------------------------------------------------------------------------------------------
الطب في فلسطين حقلٌ للتجارب … وجرائم بلا أدلة
تحقيق : مجدولين رضا حسونة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كان يجلس على كرسي متحرك ، لا يستطيع أن يحمل كأس الماء ليشرب ، وبصوت خافت يقول وهو يبكي : ” كانت صحتي جيدة قبل أن يُجري لي أحد الأطباء عملية في القلب ، وبسبب خطأ ارتكبه ، أصبحتُ مشلولا عن الحركة “.

في ثنايا المجتمع الفلسطيني تتوارى مآسي كثيرة ، يرتكبها من هم أصحاب رسالة ، اؤلئك اللذين من المفترض أن نطلق عليهم ” ملائكة الرحمة ” ، ولكن عندما يعبثون بحياة الأبرياء ويصنعون منها حقلا للتجارب يصبح المواطن بين عبث ذلك الطبيب ورحمة القدر .

تكثر الأخطاء الطبية التي يسببها إهمال الأطباء في فلسطين ، بحيث لا يعرف المريض هل سيبقى على قيد الحياة برحمة من الله، أم أن إهمال وعدم اكتراث ” طبيب ” سيلعب بعداد عمره إلى أن يرتقي إلى الرفيق الأعلى ، أو يبقى بين الحياة والموت يعاني مآساة المعاقين .
أسئلة كثيرة تراود كل من أصابه المرض وأجبره على دخول المستشفى، بحيث يتحول المريض إلى كتلة من الخوف على حياته ، والشك في قدرة الطبيب على مساعدته ، ولكن من المسؤول في ارتكاب مثل هذه الأخطاء الجسيمة ؟هل هو إهمال وعبث الأطباء ؟ أم قلة الإمكانات في المشافي الفلسطينية بشكل عام ؟ وهل القضاء الفلسطيني يتواطئ مع مثل هذه الجرائم بعدم ضبطه لمعايير العمل الطبي ؟ أو ربما جهل المواطن وخوفه من عدم إثبات حقه لعدم وجود الأدلة التي تدين الطبيب، وقلة وعيه هو السبب في تزايد مثل هذه الظاهرة؟

ومن الطب ما قتل
“أردتُ أن أهنئها بالسلامة بعد أن استيقظت من العملية ظنا مني أنها على قيد الحياة مثلي تماما ، لكني تفاجئت بوفاتها “، هذه الكلمات الأولى التي قالتها لي نهى خليفة أخت هناء خليفة (33 عاما ) من قرية عجة قضاء جينين والتي توفيت في نيسان 2008 جراء خطأ طبيي ارتكبه طبيبان ، في مركز الرازي التخصصي في نابلس .

وتضيف نهى بعد أن استجمعت قواها ” ذهبت لإجراء عملية للتخلص من الزائدة اللحمية في انفي ، وقد أُجُريت لي بنجاح ،وكانت هناء مرافقة لي علما أن لديها نفس مشكلتي لكن لم ترغب بمعالجتها ، وما حصل معها أن الدكتور الذي أجرى لي العملية أقنعها بان تعمل عملية اللحمية مقابل أن يأخذ منها اجر بسيط جدا كونها معي ، وعندما دخلت لإجرائها قام بإعطائها جرعة بنج زائدة مما أدى لحدوث نزيف لديها ، ثم حاولوا أن يوقفوا النزيف ويقوموا بعملية إحياء للقلب لكنهم فشلوا ، مع العلم أن الأدرينالين إذا أُعطي بكميات عالية يؤدي إلى انتفاخ الشرايين وانفجارها ، وتوفيت إثر ذلك مباشرة “.


مشاكل بالجملة مصدرها طبيب واحد
خضع المواطن ربحي احمد يعقوب الظاهر ( 58 عاما ) من نابلس لعملية جراحية في مستشفى رفيديا الحكومي ، في كانون أول 2008 أدت إلى بتر رجله اليسرى من تحت الركبة نتيجة خطا في التشخيص من قبل دكتور يعمل في هذا المستشفى ، ويروي ابنه وائل القصة شارحا :” كان عند والدي التهاب في إصبع رجله ، وعندما شخص الدكتور الحالة قال أنها غرغرينا ناشفة ، وطمأن الوالدة وأشار علينا بعمل مغاطس ماء وملح ، وتبين لنا من كلامه عدم وجود أي خطر ،بالنهاية انتشرت الغر غرينا برجله وقطعت من تحت الركبة نتيجة لتشخيصه الخاطئ ، وكان من الممكن السيطرة على الوضع بقطع إصبع رجله فقط لو كان الطبيب جيد ، وبعد ذلك عملوا لجنة في المشفى لمعرفة ما سيفعلونه ولكن الدكتور عندما رأى والدي هرب ، ولم يكتب له أي علاج ، وقام بطرد أمي قائلا :” ما في شيء ما تضلكم رايحين جايين علي ” ، ثم تدهورت أحوال أبي فنقلناه إلى مستشفى الإنجيلي ،وهناك ارتكب بحقه خطأ آخر ، فنتيجة البتر أصيب بنزيف في الدماغ ( جلطة دماغية ) ، والأطباء قالوا أنه بحاجة إلى عملية قسطرة وتم تحويله إلى رام الله في آذار 2008 لعمل القسطرة ، فقاموا يإعطاءه مميع للدم مما زاد من النزيف ، وعندما رأى الأطباء عدم قدرتهم على ضبط حالته تم تحويله إلى عمان ، وكلفني علاجه ستة آلاف دينار تقريبا على حسابي الشخصي ، والآن هو عاجز عن الحركة تماما، ولديه شلل نصفي من جهة اليمين ورجله اليسار مبتورة ، كما اثر كل ذلك على نطقه” .

ويضيف متوترا :” سأرفع عليه قضية ولا أريد تعويضا فيها ، فقط لكي لا تتكرر هذه المآساة مع أشخاص آخرين “.
ومن خلال عملنا في التحقيق اكتشفنا أن نفس الطبيب ارتكب خطا طبيا لمواطنة أخرى هي أم جمال سليمي من سلفيت ، والتي تعمل في جامعة النجاح الوطنية ، وتروي قصتها باكية ” كانت لدي مشكلة في القولون ، وخضعت لعملية أجراها لي هذا الطبيب ، مما أدت إلى انفجار القولون وتسمم جسمي ، وبعد شهر انتفخ بطني بشكل كبير لدرجة أنني كنت أبدو كأني حامل ، نتيجة خطا في تقطيب الجرح ، وكلما أذهب إليه يقول لي ” ما فيكي شيء” ، وبعد ذلك توجهت إلى طبيب آخر عالجني ، بعد أن بقيت في الإنعاش لمدة ثلاثة أيام” .


الطبيب المخطئ يدين المرضى ويتوكل على القدر
على الرغم من عدم مرور مدة طويلة على هذه الأخطاء ، أنكر هذا الطبيب الذي كان مديرا لعدة مستشفيات في الضفة ،وهو الآن هو مجرد طبيب جراح يعمل في مستشفى رفيديا ، ورد على الأخطاء التي ارتكبها في مقابلة معه قائلا :” وزارة الصحة مفتوحة فاليرفعوا شكاوى كما يريدون ، هم معنيين بتشويه صورة الأطباء، والذي يقرر الخطأ الطبي لجنة مختصة وليس هم ، ولماذا ننسى إرادة رب العالمين التي تدخل في كل شيء حتى في الخطأ الطبي ، الأعمار بيد الله ،وأنا لا اذكر شيء من هذه الحالات “.


الصياد بتفلى والعصفور بتشوى
المواطنة وفاء عصفور (38 عاما ) من نابلس خضعت لعملية جراحية في رقبتها نتيجة شك الطبيب بأنها مصابة بسرطان في الغدة الليمفاوية ،حيث يقول زوجها طاهر عصفور ” لقد أحست زوجتي بانتفاخ في رقبتها فتوجهت إلى المركز الصحي في نابلس لإجراء تحاليل للغدة الدرقية وللدم ، وكانت النتائج سليمة وتم تحويلها إلى مستشفى رفيديا لأخذ عينة من رقبتها وفحصها ، وبالصدفة التقت بالطبيب المشرف عليها وأطلعته على التحاليل ، فدعاها للتوجه إلى عيادته الخاصة ، على الرغم من انه طبيب جراح وليس متخصص بالغدد ، وقال لها احتمال وجود سرطان في رقبتها ، وحولها إلى المستشفى التخصصي ، وأجرى لها عملية استأصل بها ثلاث غدد بدلا من اخذ عينة وفحصها ، وبعد العملية قال لها بان ما لديها هي جرثومة القطط ، وأعطاها أدوية ولكن لم تنفع لان رقبتها انتفخت مرة أخرى بعد مرور شهر .

وعندما عادت إليه أشار عليها بان تضع ماء فاتر على رقبتها ، وبعد مرور سنتين عادت للطبيب نفسه تطلب منه أن يعطيها تقرير للعلاج في عمان أو داخل إسرائيل لان الأطباء هنا لم يتعرفوا على حالتها في كل المستشفيات ، ولكنه رفض وأعطاها تقرير كتبه باللغة الانجليزية وبخط غير واضح بأنها مريضة نفسيا وأوصى بتحويلها إلى طبيب نفسي”.

ويضيف ” ما زالت زوجتي تعاني حتى الآن فعندما تتكلم كثيرا أو تتوتر تنتفخ رقبتها وتشعر بألم ، أضف إلى ذلك الحزن الشديد الذي خيم على العائلة عندما اخبرنا بوجود سرطان لديها ، فالخطأ هو إجراء العملية بدلا من اخذ عينة وتشخيصها ، والمشكلة أنهم لا يعترفون بخطاهم حتى لو كان هذا الاعتراف فيه إنقاذ لحياة المريض “.


نقابة الأطباء : هناك أخطاء طبية لا يعرفها المريض نفسه
في مقابلة مع الدكتور عبد اللطيف درا غمة – أخصائي الأمراض النسائية – وعضو في نقابة الأطباء الفلسطينيين ، أكد بأنه لا توجد عند النقابة أجهزة أو إجراءات رادعة ، وما تقوم به هو فقط إلغاء أو تجميد لعضوية الطبيب الذي ارتكب خطا يخل بآداب المهنة .
ويوضح أن المعاير المناسبة والكافية لا تضعها النقابة بل تضعها أسس علم الطب ، وأضاف شارحا:” من الضروري فهم تعريف الخطأ الطبي والتأكد منه ، فهناك أخطاء فادحة في المشافي الفلسطينية لكن ليس كل ما يسمع صحيح ، حتى الأشياء المرئية والتي يتوقع الإنسان أنها أخطاء طبية يمكن أن تكون مضاعفات مرضية قد تحصل عند أي إنسان وليست ناتجة عن خطا أو إهمال ، فالأخطاء الطبية هي التي تنتج عن تقصير لو لم يكن لما حصلت المضاعفات “.

ويشير د. درا غمة أن هناك أخطاء طبية غير مرئية وغير معلنة ترتكب يوميا في المراكز والعيادات الطبية وفي المختبرات لا يعلمها حتى المريض نفسه ، ناتجة عن عدم وجود كفاءات عالية المستوى ، ولا نستطيع أن نحصل على إحصائيات في هذا الموضوع فالذي يظهر للمجتمع هي الأخطاء الجراحية التي تنتج عنها حالة وفاة أو فقدان جزء معين من الجسم .

وينوه إلى أن النقابة لا تحمي الأطباء، ولكن نتيجة فهمها للعمل الطبي قد تصل إلى أن الطبيب غير مخطئ، وعندما يرى الأهل أن النتيجة ليست لصالحهم يتوقعون أن النقابة هي التي أصدرت فتوى لحماية الطبيب. ويذكر أن النقابة تستقبل الشكاوى من أي مواطن وتقوم بإجراء تحقيق فيها .


القضاء غير مؤهل للبت في الأخطاء الطبية … والمسؤولية تقع على الجميع
في مقابلة مع الدكتور أكرم داود عميد كلية القانون في جامعة النجاح الوطنية وعضو في نقابة المحامين الفلسطينيين ، قال أن قانون العقوبات لم يعرف الخطأ الطبي بل اكتفى بذكر صورته فقط في المادة 343، وهو ” إخلال الطبيب بواجبات الحيطة والحذر التي يفرضها القانون ، وانحرافه عن السلوك الطبي العادي والمألوف وما يقتضيه من يقظة إلى درجة يهمل معها الاهتمام بمريضه “.
ويشير إلى أن الجرائم غير العمدية التي تثير مسؤولية الطبيب الجزائية هي جريمة القتل الخطأ ، وجريمة الإيذاء غير المقصود نتيجة ارتكابه أفعالا أو امتناعه عن القيام بأفعال دون قصد.

ويؤكد أن القضاة في فلسطين غير مؤهلين للبت في صحة التقارير الطبية وقضية الأخطاء بشكل عام ، وذلك لعدم وجود التنظيم الكافي ، مشيرا إلى أن المسؤولية تقع على عاتق الجميع ، ففي النظام القضائي والتشريعي الفلسطيني لا يوجد تحديد لمعالم مسؤولية الطبيب ، لكن المسؤولية تقع في الدرجة الأولى على الطبيب نفسه نتيجة إهماله أو عدم خبرته ، ولا ننسى المريض الذي يأخذ الخطأ الطبي من منطلق القضاء والقدر ، وبالتالي لا يطالب بالمسائلة ولا يهتم بمتابعة الموضوع ، كما أن نقص الإمكانات المادية والأجهزة في المشافي وعدم قدرتها بالتعاون مع نقابة الأطباء على وضع المعايير والعقوبات المناسبة زاد من حدة هذه الظاهرة .


أصحاب الحق لا يطالبون به
يرى المحامي علي سلام الطيراوي عضو نقابة المحامين ، أن أهم المعيقات التي تواجه المرضى في حال وقوع أخطاء طبية مسألة إثبات الخطأ الطبي في حق مرتكبه، وأنه يتوجب تضمين التشريعات نصوصاً قانونية تُفرض على الأطباء والمستشفيات ، والتأمين ضد الأخطاء ، مطالباً بإجراء امتحانات كفاءة للأطباء بشكل دوري في كل فترة من الزمن، خاصة في سنوات العمل الأولى للحيلولة دون تزايد الأخطاء الطبية .

وفي الإطار ذاته يشير الأستاذ سامر عقروق مدير مركز الديمقراطية وحقوق الإنسان في جامعة النجاح الوطنية ، إلى انه من الصعب وجود إحصائيات أو أرقام ثابتة بشأن الأخطاء الطبية ، فالأطباء لا يشهدون على بعضهم البعض ، والناس لا يعرفون حقهم في التبليغ عن هذه الأخطاء نتيجة جهلهم وعدم وعيهم ، بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة الخدمة القانونية، والتكهن المسبق الخاطئ بأن القضية ستخسر نتيجة الشك في أهلية ومصداقية نتائج الطب الشرعي، والصعوبة البالغة بل والمستحيلة في إثبات الخطأ الطبي على الطبيب أو المشفى أو من كان له سبب في هذا الخطأ.


الأخطاء الطبية بين القضاء والعشيرة
على الرغم من بروز هذه الظاهرة في فلسطين إلا أنها لم تلق التجاوب الكافي بين الناس ، فمن الملاحظ أن عدد قضايا الأخطاء الطبية التي وصلت المحاكم تكاد تنحصر في عدد قليل جدا مقارنة بالأعداد الكبيرة من القضايا التي وصلت مؤسسات حقوقية مختلفة ، فقد رفعت الهيئة المستقلة لحقوق المواطن عشر شكاوى من المواطنين بخصوص حدوث أخطاء طبية إلى وزارة الصحة ، ولم تتلقى الهيئة ردا إلا على شكوى واحدة من بين العشرة ، أما العدد الأكبر من هذه القضايا يحل عشائريا ، فالقضاء العشائري ينهي القضايا الطبية بالتسامح ، أو لا يتم تقديم شكوى بخصوصها .

ويرى مفتش التحقيق في شرطة نابلس سامر أبو عودة انه من الأفضل حل هذه القضايا عشائريا ، وهذا ما تحاول الشرطة فعله ، وذلك بسبب صعوبة إثبات الأخطاء الطبية والاحتكام إلى لجنة محايدة في ظل هذا الفلتان الأمني ، ويشير إلى أن هناك أربعة شكاوى فقط في عام 2008 تقدم بها المواطنين وتم تحويلها للمحكمة ، والبقية مجرد شكاوى من مرضى دون إثبات ، وفي هذه الحالة لا يتم الأخذ بهذه القضية على محمل الجد . يتبين لنا من خلال ما لمسناه في القضايا العالقة بين وزارة الصحة، ونقابة الأطباء، والإدارات الطبية هو ضعف التنسيق وعدم وضوح العلاقات والمرجعيات والآليات للحد من قضايا الأخطاء الطبية وإمكانية علاجها ، ولا شك انه من المهم تفعيل الرقابة على المستشفيات والأطباء بالإضافة إلى إجراء تحقيقات جادة ومثمرة .

أخطاء مستمرة في المشافي الخاصة والعامة دون أن تجد من يوقفها أو يمنع تكرارها ، ففي كل يوم نسمع تذمر هنا وشكوى هناك ، والقضاء العشائري يحكم دائما بمسامحة الأطباء ، وزارة الصحة تنفي وجود تسيب ، والمؤسسات الحقوقية تنتقد الجهات الرسمية والأهلية ووعي المواطنين ، ويبقى التضارب بين طبيب ارتكب جريمة ، ومواطن لا يجد الأدلة الكافية للإثبات ، وقضاء لا يقف إلا مع الأقوى .



ليست هناك تعليقات: