مصير العاملين في صناعة الفحم النباتي الفلسطيني في مهب الريح

28/10/2010

محمد خالد / خاص/ مخاوف الانزلاق الى دائرة الفقر والفاقة، والانجرار الى صفوف العاطلين عن العمل باتت تشكل مصدر قلق جدي لدى آلاف العاملين في صناعة الفحم النباتي في بلدة يعبد جنوب غرب جنين والقرى المجاورة، بعد تنفيذ قرار اسرائيلي صدر مؤخراً ومن شأنه ان يهدد المهنة التي توارثوها على مر السنين، وتشكل مصدر رزق رئيسي لهم ولعائلاتهم، ورافداً اساسياً لهذه البلدة التي تعتبر عاصمة المفاحم في فلسطين بلا منازع.

القرار الاسرائيلي أصدرته سلطة البيئة الإسرائيلية ويقضي بمنع ادخال كميات الحطب التي يتم جمعها من البيارات وحقول الحمضيات في داخل الخط الاخضر واللازمة لتصنيع الفحم النباتي الى محافظة جنين، وبموجبه تم منع الشاحنات المحملة بكميات الحطب والاخشاب من عبور معبر الطيبة العسكري بشمال الضفة الغربية، بينما قامت دوريات جيش الاحتلال بملاحقة الشاحنات التي تسلك طرقا اخرى ومصادرة حمولتها وفرض غرامات باهظة على اصحابها.

مزاعم تلويث البيئة
مبررات اتخاذ هذا القرار وما تبعه من اجراءات عملية على أرض الواقع جاءت على خلفية ما تسببه مئات المفاحم المنتشرة على أطراف بلدة يعبد من آثار بيئية سلبية على المنطقة، بحسب ادعاء سلطة البيئة الاسرائيلية، الأمر الذي شكك رياض كميل، مدير الدائرة القانونية للاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، في مدى صحته وجديته قائلا أنه " في حال كان هناك تأثير سلبي على البيئة فنحن على استعداد لايجاد الحلول المناسبة من خلال بعض الاجراءات والتقنيات التي نستطيع من خلالها التخفيف من هذا التأثير" معتبراً ان القرار الاسرائيلي يأتي بهدف "الضغط على عمالنا وعلى جميع قطاعاتنا الانتاجية وضم جميع العاملين في تصنيع الفحم النباتي الى جيش العاطلين عن العمل".

ولفت كميل - في لقاء اذاعي اجريناه معه خلال الحقيبة المحلية التي تبثها PNN على اثير عدد من المحطات المحلية ظهيرة كل يوم- الى ان القرار الاسرائيلي يحمل في طياته تهديدا جدياً لقطاع صناعة الفحم النباتي ولمئات الاسر الفلسطينية التي تعتمد بشكل كامل في معيشتها على العمل في هذا القطاع الحيوي، منوها الى ان القرار ايضاً يعصف بعقود تجارية تصل قيمتها الى ملايين الشواقل ابرمت ما بين منتجي الفحم النباتي في محافظة جنين وتجار الحطب داخل الخط الاخضر وهي الآن في مهب الريح.


لجنة وزارية لمتابعة الموضوع
سلسلة الاجتماعات الاخيرة التي عقدها الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين مع العاملين في أرباب صناعة الفحم النباتي والجهات الرسمية تمخضت عن تشكيل لجنة من قبل رئاسة الوزراء الفلسطينية لدراسة سبل التعاطي مع القرار الاسرائيلي الاخير في محاولة جدية لالغائه وتعطيل العمل به ... هذا ما كشفه لنا رياض كميل، مدير الدائرة القانونية للاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين الذي اوضح ان اللجنة تضم في عضويتها الى جانب الاتحاد كلا من: وزارة الاقتصاد الوطني، وزارة العمل، وزارة الحكم المحلي، سلطة جودة البيئة، ومؤسسة الرؤيا.

وحول سبل مواجهة القرار الاسرائيلي يقول كميل:" سنتوجه الى المحاكم والمحافل الدولية والى جميع المؤسسات التي تعنى بالعامل الفلسطيني من اجل ان تمارس دورها في الضغط على السلطات الاسرائيلية لالغاء القرار" وفي حال لم تنجح كل هذه المحاولات "فإن مصير آلاف العاملين الذين يعتاشون على مهنة تصنيع الفحم النباتي هو الانضمام الى قافلة العاطلين عن العمل والانزلاق الى ما دون خط الفقر". وناشد كميل جميع المسؤولين في السلطة الفلسطينية العمل على ابراز هذه القضية الانسانية بشكل جاد من اجل تمكين العاملين من البقاء في هذه المهنة التي تتوارثها أجيال بلدة يعبد والقرى المجاورة، ولها أهمية كبرى في تطوير الاقتصاد الوطني، وتوفير فرص العمل لآلاف العمال.

واضاف كميل ان السلطات الاسرائيلية تضع قطاع صناعة الفحم النباتي في دائرة الاستهداف المباشر جنباً الى جنب مع قطاعات انتاجية هامة اخرى كالزراعة وصناعة الحجر وذلك من خلال العراقيل التي تضعها امام عمليات التصدير للسوق الاسرائيلية وعمليات النصب الذي يمارسه المشغلون الاسرائيليون، وغيرها.

والى ان تلوح في الافق تباشير الغاء قرار المنع الاسرائيلي المفروض على دخول الحطب لمفاحم يعبد، تبقى معالم القلق والترقب مرتسمة على وجوه آلاف العاملين في مدينة الفحم النباتي الفلسطيني وما حولها، ولسان حالهم يقول "الله يفرجها".

للاستماع للمقابلة الاذاعية
https://app.box.com/shared/8m38exn1d9

ليست هناك تعليقات: