حاضنة أعمال النساء ... فلسطينية المنشأ، عالمية التميز

05-01-2011

محمد خالد/خاص/ لم يكن مشروع "حاضنة أعمال النساء" هو الأول الذي من خلاله حظي المركز الفلسطيني للاتصال والسياسات التنموية في مدينة الخليل بتكريم عالمي من قبل الشبكة الدولية للتعاون والتنمية والسلام في "بانكوك"، والفوز بالجائزة الدولية للابداع والتميز، حيث سبق وان منح المركز نفس الجائزة عام 2008 عن مشروع آخر وهو " التكافل الدولي"، الا ان مشروع "الحاضنة " تميز بثلاثة معايير دولية لم تكن موجودة أصلا في أي من المشاريع التنموية الأخرى التي تقدمت بها أكثر من 1300 مؤسسة حول العالم للمنافسة على هذه الجائزة.

فالمركز الفلسطيني للاتصال والسياسات التنموية- وبحسب ما يقوله مديره العام، جميل الدرباشي- يفخر بأنه المؤسسة الأولى على مستوى العالم التي بنت ونفذت حاضنة الأعمال النسوية التي تضم تحت مظلتها مجموعة من الخبراء والممارسين التنمويين الذين يضطلعون بمهمة ادارة مشاريع اقتصادية صغيرة مدرة للدخل وموجهة بشكل خاص للمرأة الريفية، ومتابعتها والاشراف عليها لمدة ثلاث سنوات متتالية لضمان نجاحها وديمومتها. وبينما تتنوع هذه المشاريع في مجالات تربية النحل، زراعة الاعشاب الطبية، تربية الأغنام وتربية الدجاج البيَاض، فإنها تتركز بالدرجة الأولى في الريف والمخيمات والتجمعات الفقيرة في المدن خاصة الأحياء القديمة مثل الخليل، نابلس، جنين وأريحا بالضفة الغربية.

فجميع النساء المستفيدات من هذه المشاريع ضمن الحاضنة، واللواتي من المتوقع ان يصل عددهن الى اكثر من 5000 مع نهاية العام الحالي، يتلقين تدريبات نظرية وعملية كافية قبل ان يبدأن فعلياً بتنفيذ مشاريعهن على أرض الواقع، بينما تبقى هذه المشاريع عند التنفيذ تحت اشراف ومتابعة الخبراء التنمويين الذين بدورهم يقوموا اسبوعيأ بثلاث زيارات ميدانية للمشاريع المنفذة ويقدموا لاصحابها من النساء النصح والمشورة والارشاد.

التسويق حلقة رئيسية في التنمية المتكاملة
ويضيف الدرباشي أنه "ومن منطلق ايمان المركز بمبدأ التنمية المتكاملة في المشاريع، والتي تشكل مسألة التسويق حلقة رئيسية فيها ، أخذ المركز على عاتقه مهمة تسويق منتجات المشاريع النسوية المحتضنة من خلال التعاقد مع شركات فلسطينية محلية تقوم بدورها بشراء هذه المنتجات وتعبئتها وتسويق ما نسبته 80% منها في دول الخليج العربي بينما 20% من هذه المنتجات يتم تسويقه محلياً. كما يسعى المركز الى فتح آفاق للتصدير الى ألمانيا والولايات المتحدة الاميركية عن طريق احدى الشركات التي جرى التعاقد معها مؤخراَ بهذا الخصوص ".

وقد شكلت مسألة اضطلاع المركز الفلسطيني للاتصال والدراسات التنموية بمهمة تسويق منتجات المشاريع التي يتم احتضانها، وعدم القاء هذا العبء على كاهل النساء المستفيدات من هذه المشاريع، المعيار الثاني الذي تميز به المركز من خلال "حاضنة اعمال النساء" عن باقي المشاريع المتنافسة على جائزة التميز والابداع الدولية.

أما المعيار الدولي الثالث، فتمثل بانتهاج المركز سياسة تقديم الحوافز التشجيعية للمشاريع المتميزة التي تثبت نجاحها بعد مرور عام واحد على تنفيذها. فالنساء الريفيات اللواتي يحققن نجاحات باهرة في تنفيذ مشاريعهن يحظين –كما تقول المديرة الادارية للمركز فداء ابو تركي- بحوافز تشجيعية تصل في قيمتها الى نحو 3000 دولار اميركي الامر الذي يمكَن هؤلاء النساء من توسيع مشاريعهن وتطويرها.

اكتساب للخبرة وخروج من دائرة الفقر
نساء كثيرات لم يكن في السابق يعرفن شيئأ عن تربية وادارة مزارع النحل او زراعة الاعشاب الطبية، او كيفية تربية الاغنام والاعتناء بصغارها، او ادارة مزارع الدجاج البياض بشكل يحقق الاستفادة الأكبر منها، وأصبحن بعد الانضمام الى مشروع الحاضنة يدركن ادق التفاصيل المتعلقة بذلك، وباسطاعتهن نقل خبراتهن المكتسبة الى نساء اخريات بأنفسهن....نساء كثيرات لم تكن لديهن في السابق المقدرة المالية على إعالة أسرهن والايفاء بمتطلباتها المعيشية وأصبحن من خلال المردود المادي الذي حققنه من مشاريعهن قادرات على تسديد الاقساط الجامعية لأولادهن، والخروج من دائرة الجري وراء توفير أدنى مستلزمات الحياة الى التفكير باقتناء كمالياتها.

ولعل خير مثال على ذلك السيدة "حليمة فراشات"، من سكان بيت أولا قضاء الخليل، والتي اصبحت من المتمرسات في تربية النحل بعد ان أخذت الدورة النظرية والتدريب العملي اللازم على أيدي طواقم " الحاضنة"، وبدأت مشروعها بـ45 خلية نحل لتصبح اليوم 80 خلية حققت من خلالها مردودا من العسل تجاوز 250 كيلو غراما. وتقول" في الماضي كنت أخشى من لسعات النحل بينما اليوم فانني لا أجد المتعة الحقيقية سوى بوجودي بين النحل الذي اقوم بتربيته ...لقد حقق مشروعي والحمد لله نجاحا باهرا ما دفع بادارة المركز الى اعطائي حوافز تشجيعية من خلال تزويدي برأسين من الاغنام لتربيتها والاستفادة منها والتي أصبح عددها بعد مرور عام واحد فقط عشرة رؤوس".

نجاح المشاريع المنفذة وما حققته من مردود مادي لأصحابها دفع بالعديد من النساء الريفيات الى الانضمام الى "حاضنة أعمال النساء" ليصبحن بالتالي جزءاً من هذا النجاح، كالسيدة "فتحية القاضي" من قرية صوريف بالخليل، والتي تعلق آمالأ كبيرة على نجاح مشروعها المستقبلي للخروج من دائرة الحاجة في ظل تعطل زوجها عن العمل جراء المرض، وتقول: "كثير من النساء في قريتنا نجحن في مشاريعهن التي يحتضنها المركز وهذا شجعني على ادارة مشروعي الخاص وتنفيذه في أسرع وقت سيما وأنني لا ازال اتلقى حتى اليوم التدريب النظري والعملي للقيام بذلك".

ولعل "حاضنة أعمال النساء" بنجاحها محلياً وتميزها عالمياً تشكل نموذجا لما يجب أن تكون عليه المشاريع التنموية التي تنفذها العديد من المؤسسات الاهلية الفلسطينية، وتسعى من خلالها الى تمكين الأسر المحرومة اقتصاديا وايجاد مصدر دخل لها، الى جانب اشراك المرأة الريفية في التنمية وتفعيل دورها.

للاستماع للمقابلة الاذاعية
https://app.box.com/shared/kno0mnmizz

ليست هناك تعليقات: